أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

3130 2

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

بناء الكتاب وموضوعاته وصف المؤلف كتابه «طريق الهجرتين» في مقدمته بأنه جاء «غريبًا في معناه، عجيبًا في مغزاه». ولوقال: «عجيبًا في مبناه» لكان مصداقَ قوله كتابان من كتبه بصفة خاصة: «مفتاح دار السعادة»، و «أعلام الموقعين عن رب العالمين».
ولا شك أن بناء «المفتاح» أغرب من بناء «الأعلام»، لأن المؤلف - رحمه الله - استطرد في الأول إلى مباحث كبيرة كانت خليقةً بإفرادها، وأمعن في الاستطراد إمعانًا، حتى اضطرّ أخيرًا إلى إنهاء الكتاب دون إكماله حسب خطته المرسومة. أما كتاب «الأعلام» فليست غرابته في الاستطراد إلى مباحث بعيدة عن موضوع الكتاب، بل في إدراج أبواب كبيرة جدًّا، هي من مقاصد الكتاب وصميم الموضوع، تحت فصل لا يدل عنوانه عليها، على سبيل الاستطراد المتسلسل، الذي كلُّ استطراد فيه يفضي إلى استطراد آخر. ومثله كمثل قرية صغيرة، في مدخلها لوحة لا تحمل إلا اسم القرية، فإذا دخلتها أدّاك أحد أزقّتها الضيقة إلى مدينة فخمة واسعة، وبينما تجوِّل في هذه المدينة فإذا بطريق من طرقها نازل إلى نفق طويل مضيء يهجم بك على مدينة جديدة تحت المدينة الأولى أكبرمنها وأفخم! قبل أن نخوض بك في فصول الكتاب، وترتيب المباحث فيه، ومنعرجات هذا الترتيب، نضع بين يديك البناء العام والموضوعات الكبرى التي اشتمل عليها الكتاب: - مقدمة الكتاب.

الصفحة

29/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحبا بك !
مرحبا بك !