
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والطبعات المتداولة يقع في الأخطاء والأوهام لا محالة. ومن مستلزمات التحقيق العلمي جمع الأصول والنسخ القديمة المتقنة وإثبات الفروق بينها، وعدم الاكتراث بالنسخ المتأخرة الحديثة الخط، وتوخِّي الحذر من استخدام النسخ المطبوعة. وكان من منهج الشيخ مشهور حَشْد كل ما جاء في النسخ الخطية والمطبوعة متنًا وتعليقًا، وكلّما وجدَ زيادة في النسخ المطبوعة أثبتها في المتن واتَّهم النسخ الخطية بأن الزيادة المذكورة ساقطة منها.
والأخطاء التي وقعت في طبعته، منها ما اتفقت فيه النسخ الخطية والمطبوعة، ومنها ما تابع فيه الطبعات السابقة، ومنها أخطاء انفرد بها. ومما يستغرب أن أخطاء وقعت في أسماء الصحابة والتابعين ورجال الإسناد ومتن الأحاديث، وفاته تصحيحها مع صحة كثير منها في المصادر التي راجعها للتخريج والتوثيق. وفيما يلي نماذج من هذه الأخطاء: - 1/ 19: من المقلين في الفتيا من الصحابة: «أبو اليُسر». كذا ضبط بضم السين، والصواب: أبو اليَسَر بفتح الياء والسين.
- 1/ 19: ومنهم: «عبد الله بن جعفر [البرمكي]». كذا أثبت، وعلّق بأن ما بين المعقوفين ساقط من (ق، ن، ك) يعني نسخه الخطية. والحق أن هذه الزيادة التي تابع فيها الطبعات السابقة مقحمة فيها، وقد أقحمها مَن توهم أن المذكور هنا عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد بن بَرمَك البرمكي الذي روى عنه مسلم وأبو داود، وذهب عليه أن المذكورين في هذا الفصل جميعًا من الصحابة، والمقصود عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،