
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
- أبرزوا الفصول وبدايات المباحث والفقرات المهمة.
وهكذا لم يقتصروا على طبع الكتاب عن أي نسخة خطية يجدونها، بل خدموا الكتاب خدمة لائقة بزمنهم وظروفهم، والباعث عليها حبّهم لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، وإخلاصهم في نشر مؤلفاتهما. وسترى أن الطبعات التالية التي صدرت في مصر ــ وآخرها طبعة عبد الرحمن الوكيل الصادرة سنة 1389 بعد الطبعة الهندية بخمس وسبعين سنة ــ مع جمال ظاهرها والعناية بصحتها، ظلّت قاصرة عن مجاراة الطبعة الأولى في المنهج المتبع في تصحيحها.
هذا، وذكر الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله - في كتابه عن ابن القيم (ص 209) أن أول طبعة من كتابنا هذا تقع في ثلاث مجلدات، وأنها صدرت سنة 1298 بالمطبعة النظامية بالهند. ويبدو أنه التبس على الشيخ بكتاب «زاد المعاد»، فهو الذي طبع في المطبع النظامي في العام المذكور، ولكن «الزاد» أيضا لم يطبع في ثلاث مجلدات، بل في مجلدين كما ذكر الشيخ في رسمه (ص 260).
2) طبعة الحاج مقبل الذكير: هذه هي الطبعة الثانية من الكتاب، وقد صدرت عام 1325 (1907 م) بعد الطبعة الهندية الأولى بأكثر من عشر سنوات. وقد أنفق على طباعتها وجعَلها وقفًا على طلبة العلم المحسن الشهير الحاج مقبل بن عبد الرحمن الذكير الملقَّب بفخر التجّار (ت 1341) - رحمه الله - (1)، وقام بطبعها فرج الله
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،