
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
4 - نسخة أحمد الثالث (ت): هذه النسخة محفوظة في مكتبة أحمد الثالث ضمن متحف طوب قابي سراي برقم 1120. وهي في 358 ورقة، وفي كل صفحة 21 سطرًا. ليس فيها صفحة العنوان بخط الناسخ، ولا خاتمة تتضمن اسمه وتاريخ النسخ، غير أنها نسخة قديمة من القرن الثامن أو التاسع، وخطها نسخي جميل مع العناية بالضبط وعلامات الإهمال. والبلاغات والاستدراكات بخط الناسخ تدل على مقابلتها على أصلها.
وقد بدأت النسخة بعد «بسم الله الرحمن الرحيم، وهو حسبي» بقول المؤلف: الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا ... ». وانتهت بقوله في آخر أمثلة ردّ السنن الصحيحة: «وإنما يؤتى من يؤتى من قبل فهمه وتحكيمه آراء الرجال وقواعد المذهب على السنة، فيقع الاضطراب والتناقض والاختلاف. والله المستعان». وذلك يوافق (3/ 14) من طبعة الشيخ محمد محيي الدين، ويليه فصل تغير الفتوى واختلافها بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والعوائد. فهذه النسخة تشتمل على النصف الأول من الكتاب، والنصف الآخر قد ضمّه المجلد الثاني المفقود.
لا تحمل النسخة إلا قيدًا واحدًا في ورقة إضافية في آخر النسخة، وهو قيد تملُّك نصُّه: «الحمد لله الخفيِّ لطفُه. ملكه من فضل الله تعالى فقيرُ عفو الله تعالى محمد بن (أبي) بكر بن علي بن صالح ... بن سلامة الحنبلي، عامله الله تعالى بلطفه الخفي، ودبّره بحسن تدبيره، (وختَم) له بخير وعافية بجاه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم في القاهرة في سنة اثنين وثمانين وثمان مائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام». وهنا تنبيهات:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،