{حَتَّى يُعْطُوا اُلْجِزْيَةَ}
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأما قوله تعالى:
{حَتَّى يُعْطُوا اُلْجِزْيَةَ}
فليس المراد به العطاء الأول وحده، بل العطاء المستمر المتكرر، ولو كان المراد به ما ذكرتم لكان الواجب أخذ الجميع عقيبَ العقد، وهذا لا سبيل إليه. على أن المعنى: حتى يلتزموا عطاء الجزية وبذْلَها، وهذه كانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم أنهم إذا التزموا له بذْلَ الجزية كفَّ عنهم بمجرد التزامهم، ولهذا يَحرُم قتالهم إذا التزموها قبل إعطائهم إياها اتفاقًا، ولهذا [قال] في حديث بُريدة: "فادْعُهم إلى الجزية، فإن أجابوك فاقبَلْ منهم وكُفَّ عنهم". وإنما كان يدعوهم إلى الإقرار بها والتزامها دون الأخذ في الحال.
واختلف أصحاب الشافعي (1)، فقال بعضهم: تجب بأول السنة دفعةً واحدةً، ولكن تستقرُّ جزءًا بعد جزءٍ. وقال بعضهم: معنى إضافة الوجوب إلى أول السنة انبساطه على جميع الأوقات، لا أنها تجب دفعةً واحدةً بأول السنة، وبَنَوا على ذلك الأخذ بالقسط إذا أسلم أو مات أو جُنَّ. وقال بعضهم: إنما يدخل وقت وجوبها عند انقضاء السنة، وهذا هو المشهور.
فصل
ولا جزية على صبي ولا امرأةٍ ولا مجنونٍ، هذا مذهب الأئمة الأربعة وأتباعهم. قال ابن المنذر (2): ولا أعلم عن غيرهم خلافهم.
وقال أبو محمد في "المغني" (3): لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في هذا.