
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
كان طلَّق ومن لم يكن طلَّق. رواه الترمذي (1) متصلًا، ثم رواه عن عروة، لم يذكر فيه عائشة، وقال: هذا أصح.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واستحللتم فروجهن بكلمة الله" (2) فما أصحَّه من حديث! وما أضعفَ الاستدلالَ به على بطلان أنكحة الكفار! وقد أجاب عنه أصحاب الشافعي وأحمد بأن كلمة الله هي لفظ الإنكاح والتزويج اللذين لا ينعقد النكاح إلا بهما.
وهذا جوابٌ في غاية الوهن، فإن "كلمة الله" هي التي تكلَّم بها، ولهذا أضيفت إليه. وأما الإيجاب والقبول فكلمة المخلوق، فلا تُضاف إلى الله، وإلا كان كل كلامٍ تكلَّم به العبد يضاف إلى الرب، وهذا باطلٌ قطعًا، فإن كلمة الله كسمع الله وبصره وقدرته وحياته وعلمه وإرادته ومشيئته، كل ذلك للصفات القائمة به، لا للمخلوق المنفصل عنه.
والجواب الصحيح أن هذا خطاب للمسلمين، ولا ريبَ أنهم إنما استحلُّوا فروج نسائهم بكلمة الله وإباحته. أما المبتدأ نكاحُها في الإسلام فظاهرٌ، وأما المستدام نكاحُها فإنما استُدِيم بكلمة الله أيضًا، فلا يمس الحديثُ محلَّ النزاع بوجهٍ.
وأما قولكم: كل آيةٍ أباحت النكاح في القرآن فالخطاب بها للمسلمين،