أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يلبَسُوا لِبسةَ المسلمين حتى يُعرَفوا من بينهم (1).
وكيف يجوز أن يُستعان بهم على شيء أو يُؤتَمنوا على أمرٍ من أمور المسلمين، وقد سَمُّوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في الذِّراع؟! ولما حضرته الوفاة قال: "ما زالتْ أُكْلةُ خيبر تُعاوِدني، وهذا أوانُ انقطاعِ أَبْهرِي" (2).
وقد رأى أمير المؤمنين ــ لقيامه بما استُحفِظ من أمور الديانة وحفظ نظامها، ولانتصابِه لمصالح أمةٍ جعله الله رأسَها وإمامَها، ولرعاية ما يتميز به المسلمون على من سواهم، ويجعل الكفّار يُعرفون بسيماهم ــ أن يعتمد كلٌّ من اليهود والنصارى ما يصيرون به مستذلِّين ممتهَنِين؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وَلِلَّهِ اِلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]. فلْتُسْتَأْدَ جزيةُ رؤوسهم أجمعَ من غير استثناءٍ من حزب المشركين لأحدٍ، ولْيُتَنَبَّهْ في استخراجها والحوطةِ عليها إلى أبعدِ غايةٍ وأمدٍ. ولْيُفَرَّقْ بين المسلمين وبينهم في الشَّبه والزيّ، ليتميز ذوو الهداية والرشد من ذوي الضلالة والغيّ.