أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقد انتهى إلى أمير المؤمنين أن أناسًا لا رأيَ لهم ولا رويَّة، يستعينون بأهل الذمة في أفعالهم، ويتخذونهم بطانةً من دون المسلمين، ويُسلِّطونهم على الرعية فيَعْسِفونهم، ويبسطون أيديهم إلى ظلمهم وغَشْمهم والعدوان عليهم، فأعظَمَ أمير المؤمنين ذلك وأنكره وأكبرَه وتبرَّأ إلى الله منه، وأحبَّ التقربَ إلى الله تعالى بحَسْمه والنهي عنه، ورأى أن يكتب إلى عمَّاله على الكُوَر والأمصار وولاة الثغور والأجناد في ترك استعمالهم للذمة في شيء من أعمالهم وأمورهم، والإشراكِ لهم في أماناتهم وما قلَّدهم أمير المؤمنين واستحفظهم إياه، إذ جعل في المؤمنين الثقةَ في الدين والأمانةَ على إخوانهم المؤمنين، وحسنَ الرعاية لما استرعاهم، والكفاية لما استكفوا، والقيام بما حُمِّلوا، ما أغنى عن الاستعانة بالمشركين بالله المكذِّبين برسله الجاحدين لآياته الجاعلين معه إلهًا آخر، لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
ورجاء أمير المؤمنين ــ بما ألهمه الله من ذلك وقذَفَ في قلبه ــ جزيلُ الثواب وكريمُ المآب، والله يُعين أمير المؤمنين على نيته في تعزيز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وحزبه.
فلْيُعلَم هذا من رأي أمير المؤمنين، ولا يُستعان (1) بأحدٍ من المشركين، وإنزال (2) أهل الذمة منازلهم التي أنزلهم الله تعالى بها، فاقرأ كتاب أمير المؤمنين على أهل أعمالك وأَشِعْه فيهم. ولا يعلمنَّ أمير المؤمنين أنك استعنتَ ولا أحدٌ من عمَّالك وأعوانك بأحدٍ من أهل الذمة في عملٍ. والسلام.