أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فقال: بحياتي عليك قل لي ما عندك، فقال: قد حلَّفتني بحياتك ولا بدَّ لي من صدقك على كل حالٍ، والله يا أمير المؤمنين لقد صاغ له صوالجة (1) وأُكَرًا (2) من ثلاثين ألف دينارٍ، فقلت له: أمير المؤمنين يضرب كرةً من جُلودٍ بصولجانٍ من خشبٍ وأنت تضرب كرةً من فضةٍ بصولجانٍ من فضةٍ! فالتفت المتوكل إلى الفتح بن خاقان وقال: ابعثْ فأحضِرْ هؤلاء، وضيِّقْ عليهم، فحضرتْ جماعةُ الكتاب وعلموا ما وقعوا فيه من الكافر.
فاجتمعوا إلى عبيد الله بن يحيى فأنفذ معهم كاتبه إلى سلمة، وعاتبه فيما جرى منه، فحلف أنني لم أفعلْ ما فعلتُه إلا على سُكْرٍ، ولم أقلْ ما قلتُه عن حقيقةٍ، فأخذ خطَّه بذلك، فدخل عبيد الله بن يحيى على المتوكل وعرَّفه مأثمةَ أهل الذمة على المسلمين وغيرهم، وأوقفه على خط سلمة، وقال: هذا قصدُه أن يخلو أركان دولة أمير المؤمنين من الكتّاب المسلمين، ويتمكَّن هو ورهطُه منها (3).
وكان المتوكل قد جعل في موكبه من يأخذ المتظلِّمين ويُحضِرهم بين يديه على خلوةٍ، فأُحضِر بين يديه شيخٌ كبيرٌ، فذكر أنه من أهل دمشق، وأن سعيد بن عونٍ النصراني غصَبَه دارَه، فلما وقف المتوكل على قصة الشيخ اشتدَّ غضبه إلى أن كادت تطير أزراره، وأمره أن يكتب إلى صالحٍ عامله بردِّ داره. قال الفتح بن خاقان: فقمت ناحيةً لأكتبَ له بما أمرني فأتبعني رسولًا