أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فصل
وأما المأمون، فقال عمرو بن عبد الله الشيباني: استحضرني المأمون في بعض لياليه ونحن بمصر، فقال لي: قد كثرتْ سعايات النصارى، وتظلَّم المسلمون منهم، وخانوا السلطان في ماله. ثم قال: يا عمرو، تعرف من أين أصل هؤلاء القبط؟ فقلت: هم بقية الفراعنة الذين كانوا بمصر، وقد نهى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن استخدامهم، فقال: صِفْ لي كيف كان تناسلُهم في مصر، فقلت: يا أمير المؤمنين، لما أخذت الفرس المُلْكَ من أيدي الفراعنة قتلوا القبط، فلم يبق منهم إلا من اصطنعته يد الهرب واختفى بأَنْصِنا (1) وغيرها، فتعلَّموا طبًّا وكتابًا، فلما ملكت الروم مُلْكَ الفرس كانوا سببًا في إخراج الفرس عن ملكهم، وأقاموا في مملكة الروم إلى أن ظهرت دعوة المسيح (2).
وفيهم يقول خالد بن صفوان من قصيدةٍ له يمدح بها عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ويحثُّه على قتلهم ويُغرِيه بهم (3): يا عمرو قد ملكتْ يمينُك مِصْرَنا ... وبسطتَ فيها العدلَ والإقساطا