
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
كما إذا قال رجل لمن يسبُّه: عليك كذا وكذا، فقال: وعليك، أي وأنا أيضًا قائل لك ذلك، وليس معناه أن هذا قد حصل لي وهو حصل لك معي، فتأمَّلْه. وكذلك إذا قال: غفر الله لك، فقلت: ولك، وليس المعنى أن المغفرة قد حصلت لي ولك، فإن هذا علم غيبٍ، وإنما معناه أن الدعوة قد اشتركتُ فيها أنا وأنت. ولو قال: غفر الله لك، فقلت: لك، لم يكن فيه إشعارٌ بذلك. وعلى هذا فالصواب إثبات الواو، وبه جاءت أكثر الروايات، وذكرها الثقات الأثبات، والله أعلم. فصل هذا كله إذا تحقق أنه قال: السام عليكم، أو شكَّ فيما قال. فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: "سلامٌ عليكم" لا شكَّ فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله: وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان. وقد قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 85]، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل. ولا ينافي هذا شيئًا من أحاديث الباب بوجهٍ ما، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الراد "وعليكم" بناءً على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة رضي الله عنها فقال: "ألا تَرَيْنَنِي قلتُ: وعليكم" لما قالوا: السام عليكم، ثم قال: "إذا سلَّم عليكم أهل