
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ليحصل لنفوسنا استعدادٌ إلى الاستمداد العالي من غير واسطةٍ، فيكون حكمنا وحكم الأنبياء في ذلك واحدًا.
قالوا: والأنبياء أَتَوا بتزكية النفوس وتهذيبها وتطهير الأخلاق من الرذائل، فمن أطاعهم فهو سعيد.
قالوا: والروحانيات هي الأسباب المتوسطة في الاختراع والإيجاد وتصريف الأمور من حالٍ إلى حالٍ، وهي تستمدُّ القوة من الحضرة القدسية، وتُفِيض الفيضَ على الموجودات السُّفلية، فمنها مدبِّرات الكواكب السبعة السيارة في أفلاكها، وهي هياكلها، فلكل روحاني هيكلٌ وهو فلكٌ، ونسبة الروحاني إلى ذلك الهيكل الذي اختصَّ به نسبة الروح إلى الجسد، فهو ربُّه ومُدِيره (1) ومدبِّره.
ويقولون: الهياكل آباءٌ، والعناصر أمهاتٌ، فتفعل الروحانياتُ تحريكَها على قدرٍ مخصوصٍ، ليحصل من حركتها انفعالاتٌ في الطبائع والعناصر، فيحصل من ذلك تركيباتٌ وامتزاجاتٌ في المركبات، فتتبعها قُوًى نفسانية (2)، وتركبت عليها نفوسٌ روحانيةٌ مثل أنواع النبات وأنواع الحيوان (3)، ثم قد تكون التأثيرات كليةً صادرةً عن روحاني كلي، وقد تكون جزئيةً صادرةً عن روحاني جزئي. ومنها مدبِّرات الآثار العُلْوية الظاهرة في