هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

2815 0

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]

حققه: عثمان جمعة ضميرية

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 450

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

سوف يبعثه الله، وقد بشرت به كتبهم، فقد سبقت آنفًا الإشارة إلى عدد من رؤساء النصارى الذين أسلموا في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لمّا بلغتهم دعوته, لأنهم عرفوها أولًا وعرفوا نبيها من كتبهم التي بشرت به، فما كانوا يرجمون الغيب، بل يعترفون بحقٍّ وجدوه مجسدًا في كتبهم (1) .
فهذه شهادتهم القولية، وتلك شهادتهم الواقعية، اتفقتا معًا على تأكيد ما نجد من إشارات إلى بعثته عليه الصلاة والسلام في كتبهم التي بين أيديهم اليوم، رغم كل ما أصابها من تحريف وتزوير، ورغم الكتمان لكثير منها.
ملاحظات بين يدي البشارات: ونقدم بين يدي هذه البشارات التي ساقها المصنف -رحمه الله- بعض الملاحظات المتعلقة بهذه البشارات وطبيعتها وتفسيرها: 1 - مع إيماننا بأن ما بين أيدي أهل الكتاب من اليهود والنصارى من الكتب ليس هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى وحيًا على موسى وعيسى عليهما السلام، ورغم ما وقع فيهما على أيدي الأتباع من كتمان وتحريف -فهم يلبسون الحق بالباطل ويخلطونه به بحيث لا يتميز الحق من الباطل- ويكتمون الحق ويخفونه ويحرِّفون الكلم عن مواضعه لفظًا ومعنى، ويلوون ألسنتهم بالكتاب ليلبسوا على السامعين اللفظ المنزل بغيره (2) -رغم هذا كله- فإن إشارات كثيرة لا تزال بين طيَّات هذه الكتب،

الصفحة

45/ 78

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الحمدُ لله الذي رضي لنا الإسلام ديْنًا، ونصب لنا الدِّلالة على صحته برهانًا مبينًا، وأوضحَ السَّبيلَ إلى معرفته واعتقاده حقَّا يقينًا، ووعدَ منْ قام بأحكامه وحفظ حدودَهُ أجرًا جسيمًا، وذخر لمن وافاه به ثوابًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراهُ وأسبابه.
فهو دينُه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه (2) اهتدى المهتدون، وإليه دعا الأنبياءُ والمرسلون (3).
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
فلا يقبل من أحد دينًا سواه من الأولين والآخرين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
شهد بأنَّه دينُه قَبْلَ شهادة الأنام، وأشادَ به (4) ورَفَعَ ذِكْرَهُ، وسمَّى به أهلَه وما اشتملت عليه الأرحامُ، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].

الصفحة

3/ 450

مرحبًا بك !
مرحبا بك !