هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

6497 0

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]

حققه: عثمان جمعة ضميرية

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 450

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

كل ما يقال عن التسامح والتعايش والحوار- اتخذت صورًا متعددة وأشكالًا مختلفة، وتذرعت بوسائل متنوعة. وهذا كله يهدف إلى إضعاف الشعور الديني والحمية الدينية عند المسلمين، مما يؤدي إلى تفرُّقهم، ويسهِّل السيطرة عليهم، في مجال الفكر والثقافة، وفي مجال السياسة والاقتصاد. وفي الوقت نفسه يسهِّل الطريق أمام المنصِّرين والعلمانيين، ويتعاون الجميع على الطعن في الإسلام، وفي القرآن الكريم، وفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته، ثم في أصحاب النبي -رضوان الله عليهم- الذين حملوا هذا الدين.
وهذا الذي تقدم -وغيره كثير- يوجب على علماء الإسلام ومفكِّريه وقادته أن يقوموا بواجب الدعوة إلى هذا الدين، وعندئذ يبيِّنون حقيقته وأحكامه، ويردُّون الشبهات التي يثيرها الحاقدون والجاهلون والمُغْرِضون من الأعداء الظاهرين المستعلنين وغير الظاهرين المتخفِّين والمتسترين.
وقد قام هؤلاء العلماء بواجبهم -في القديم والحديث- وكان من بينهم الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب، ابن قيِّم الجوزية المتوفى سنة (751)، وكتابه "هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى" يقف شاهدًا ناطقًا على قيامه -رحمه الله- بهذا الواجب، فكان من الخير أن ينال من العناية ما يستحق من الدراسة والإخراج، كي يستمر النفع به إن شاء الله تعالى.
هذا، وسنقدم بين يدي نصِّ الكتاب فقرات تتناول بداية الحوار مع أهل الكتاب، وأهم الكتب والمؤلفات التي كانت ثمرة لهذه الحوارات والمجادلات، ثم علاقة الإسلام باليهودية والنصرانية، ويتخلل ذلك بعض

الصفحة

10/ 78

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الحمدُ لله الذي رضي لنا الإسلام ديْنًا، ونصب لنا الدِّلالة على صحته برهانًا مبينًا، وأوضحَ السَّبيلَ إلى معرفته واعتقاده حقَّا يقينًا، ووعدَ منْ قام بأحكامه وحفظ حدودَهُ أجرًا جسيمًا، وذخر لمن وافاه به ثوابًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراهُ وأسبابه.
فهو دينُه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه (2) اهتدى المهتدون، وإليه دعا الأنبياءُ والمرسلون (3).
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
فلا يقبل من أحد دينًا سواه من الأولين والآخرين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
شهد بأنَّه دينُه قَبْلَ شهادة الأنام، وأشادَ به (4) ورَفَعَ ذِكْرَهُ، وسمَّى به أهلَه وما اشتملت عليه الأرحامُ، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].

الصفحة

3/ 450

مرحبًا بك !
مرحبا بك !