
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
من ربهم.
وأمَّا اليهود؛ فعلماؤهم عرفوه وتيقَّنوا (1) أنه محمد بن عبد الله، فمنهم من آمن به، ومنهم من جحد (نبوته، وقالوا لأتباعه) (2) : إنه لم يخرج بعد.
وأمَّا النَّصارى؛ فوضعوا بشاراتِ التوراة والنبوات التي بعدها على المسيح. ولا ريب أنَّ بعضها صريحٌ فيه، وبعضُها ممتنعٌ حمله عليه، وبعضها مُحْتَمِلٌ. وأمَّا بشارات المسيح فحملوها كلها على الحواريين، وإذا جاءهم ما يستحيل انطباقه عليهم حرَّفوه، أو سكتوا عنه وقالوا: لا ندري مَنِ المراد به؟ (الرابع) اعتراف من أسلم منهم بذلك وأنه صريح في كتبهم. وعن المسلمين الصادقين منهم تلقَّى (3) المسلمون هذه البشارات وتيقنوا صِدْقَها وصحتَها بشهادة المسلمين منهم بها -مع تباين أعصارهم وأمصارهم وكثرتهم واتفاقهم على لفظها- وهذا يفيد القطع بصحتها ولو لم يقرَّ بها أهل الكتاب، فكيف وهم مُقِرُّونَ بها، لا يجحدونها، وإنما يغالطون في تأويلها والمراد بها؟! وكلُّ واحدٍ من هذه الطرق الأربعة كافٍ في العلم بصحة هذه البشارات، وقد قدمنا أنَّ إقدامه - صلى الله عليه وسلم - على إخبارِ أصحابه وأعدائه بأنه مذكور في كتبهم بنَعْتِه وصفته، وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم