[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وكذلك في السِّفْر الأول من التوراة: "إنَّ الله قال لإبراهيم: إني جاعلٌ ابنَك إسماعيلَ لأمةٍ عظيمة؛ إذْ هو مِنْ زَرْعِكَ" (1) .
وهذه بشارة بمن جُعِلَ مِنْ ولده لأمة عظيمةٍ، وليس هو سوي محمد بن عبد الله الذي هو من صميم ولده، فإنه جعل لأمة عظيمة، ومَنْ تدبَّر هذه البشارةَ جزم بأنَّ المراد بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن إسماعيل لم تكن يدُه فوق يد إسحاق قط، وكانت (2) يَدُ إسحاق مبسوطةً إليه بالخضوع. وكيف يكون ذلك وقد كانت النبوَّة والمُلْكُ في إسرائيل (3) والعيص، وهما ابنا إسحاق، فلما بُعِثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وانتقلت النبوَّةُ إلي ولد إسماعيل، ودانت له الأُمم، وخضعت له الملوك، وجعل خلافة الملك إلي أهل بيته إلي آخر الدهر، وصارت أيديهم فوق أيدي الجميع مبسوطةً إليهم بالخضوع؟ وكذلك (في التوراة) (4) -في السفر الأول-: "إنَّ الله تعالي قال لإبراهيم: إنَّ في هذا العام يولد لك وَلَدٌ اسمُه إسحاق. فقال إبراهيم: ليت إسماعيل هذا يحيا بين يديك يمجِّدك. فقال الله تعالي: قد استجبتُ لك في إسماعيل، وإنّي أباركه وأيمنه (5) وأعظّمه جدًّا جدًّا بما قد استجبتُ فيه، وإني أُصيِّره إلي أمةٍ كثيرة، وأعطيه شعبًا جليلًا" (6) .