
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بأسمائِهِ وصفاتهِ وأفعالِه، والتعريفِ (1) بحقوقِه (2) على عباده، فمَنْ أنكر رسالاتِه (3) فقد أنكرَ الربَّ الذي دعا إليه، وحُقوقَهُ التي أمَرَ بها. بل نقول: لا يمكن الاعترافُ بالحقائق -على ما هي عليه- مع تكذيب رسوله.
وهذا ظاهرٌ جدًّا لمن تأمَّل مقالاتِ أهلِ الأرض وأديانَهُمْ: فإنَّ الفلاسفة؛ لم يمكنهم (4) الاعترافُ بالملائكةِ والجنِّ والمبدأ والمعادِ، وتفاصيلهما، وتفاصيلِ صفات الرب -تعالى- وأفعاله، مع إنكار النبوات، بل والحقائق المشاهَدَةِ -التي لا يمكن إنكارُها- لم يُثْبِتُوها ما علمه، ولا أثْبَتُوا حقيقةً واحدةً على ما هى عليه البتَّة. وهَذا ثمرةُ إنكارِهم النبوَّات، فسَلَبَهُم اللهُ إدراكَ الحقائق التي زعموا أنَّ عقولَهم كافيةٌ في إدراكها، فلم يُدْرِكُوا منها شيئًا على ما هو عليه، حتى ولا الماءَ ولا الهواءَ ولا الشمس ولا غيرها. فمَنْ تأمَّلَ مذاهبَهم فيها: عَلِمَ أنَّهم لم يُدْرِكُوها (5) وإنْ عَرَفُوا من ذلك بعضَ ما خَفِيَ على غيرهم.
وأما المجوس: فأضلُّ وأضلُّ.
وأما عُبَّادُ الأصنام: فلا عَرَفُوا الخالقَ، ولا عرفوا حقيقةَ المخلوقاتِ، ولا مَيَّزُوا بين الشياطين والملائكة وبين الأرواحِ الطيّبةِ والخبيثةِ، وبين أحْسَنِ الحَسَنِ وأقْبَحِ القبيح، ولا عَرفوا كمالَ النفس وما