
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
سعيدِ بنِ العاص بنِ أميَّة (1) .
وكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إليه (2) من بقي عنده من أصحابه ويحملهم ففعل، فقدموا المدينة فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر، فكلَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن يُدْخِلُوهم في سهامهم ففعلوا.
فهذا مَلِكُ النصارى (3) قد صدق رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وآمن به واتَّبعه. وكم مثلُه ومَنْ هو دونه ممَّن هداه الله من النصارى قد دخل في الدين، وهم أكثر بأضعاف مضاعفة ممن أقام على النصرانية؟ قال ابن إسحاق (4) : وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة عشرون رجلًا أو قريبًا من ذلك من النَّصارى، حين بلغهم خبرُه من الحبشة، فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه وكلَّموه، وقبالتهم رجالٌ من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فلما فرغوا من مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمَّا أرادوا دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الله، وتلا عليهم القرآن فلما سمعوه فاضتْ أعينُهم من الدمع، ثم استجابوا له وآمنوا به وصدَّقوه، وعرفوا منه ما كان يُوصَفُ لهم في كتابهم من أمره، فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جَهْل ابنُ هشام في نَفَرٍ من قريش، فقالوا لهم: خيَّبَكم الله من رَكْبٍ؟! بعثكم من وراءكم من أهل دينكم تَرْتَادُون لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئنَّ (5)