[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يكون الله أنزل على بشر شيئًا (1) من الكتب، وليس ذلك مما تَدِيْنُ به اليهود، بل المعروف من دين اليهود الإقرارُ بصُحُف إبراهيمَ، وموسى، وزبور داود. والخبر من أول السورة إلى هذا الموضع خبرٌ عن المشركين من عَبَدَةِ الأوثان، وقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} موصولٌ به غيرُ مفصولٍ عنه.
قلت: ويقوِّي قولَه، أنَّ السورة مكيةٌ، فهي خبرٌ عن زنادقة العرب المنكرين لأصل النبوة.
ولكن؛ بقي أن يقال: فكيف يحسن الردُّ عليهم بما لا يُقرُّون به من إنزال الكتاب الذي جاء به موسى؟ وكيف يقال لهم: "يَجْعَلُونَهُ قَرَاطيسَ يُبْدُوْنَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيرًا"، ولاسيما على قراءة من قرأ بتاء الخطاب (2) ؟ وهل ذلك صالح لغير اليهود؟ فإنهم كانوا يخفون من الكتاب ما لا يوافق أهواءهم وأغراضهم، ويُبْدُون منه ما سواه، فاحتجَّ عليهم بما يُقِرُّون به من كتاب موسى، ثم وبَّخهم بأنهم خانوا الله ورسوله فيه، فأخْفَوا بعضه وأظهروا بعضه، وهذا استطراد من ذكر جَحْدِهم النبوة بالكلية، وذلك إخفاء لها وكتمان، إلى جحد بعض (3) ما أقرُّوا به من كتابهم بإخفائه وكتمانه، فتلك سجيَّةٌ لهم معروفةٌ لا تُنْكَر، إذْ مَنْ أخفى بعضَ كتابِه الذي