[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
تعنّت (1) أحد من الناس للرسل بمثل هذا التعنُّت؟! (الوجه الثاني) أن الذنوب والمعاصي أمْرٌ مشترك بين الأمم، لم تزل في العالم من طبقات بني آدم -عالمهم وجاهلهم، وزاهدهم في الدنيا وراغبهم، وأميرهم ومأمورهم- وليس ذلك أمرًا اختصَّتْ به هذه الأمة حتى يقدح به فيها وفي نبيِّها.
(الوجه الثالث) أن الذنوب والمعاصي لا تنافي الإيمان بالرسل، بل يجتمع في العبدِ الإسلامُ والإيمانُ، والذنوب والمعاصي، فيكون فيه هذا وهذا. فالمعاصي لا تنافي الإيمانَ بالرسل، وإنْ قدحت في كماله وتمامه.
(الوجه الرابع) أن الذنوب تغفر بالتوبة النصوح، فلو بلغت ذنوب العبد عَنَان السماء وعدد الرمل والحصا ثم تاب منها: تاب الله عليه، قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) } [الزمر: 53]. فهذا في حقِّ التائب؛ فإنَّ التوبة تَجُبُّ ما قَبْلَها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له، والتوحيد يكفِّر الذنوب، كما في الحديث الصحيح الإلهيِّ (2) : "ابنَ آدمَ لو لَقِيْتَنِي بِقُرَاب الأرض خَطَايا ثم لَقِيْتَني لا تشركُ بي شيئًا لَقِيْتُك بِقُرَابِها مغفرةً" (3) .