
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (8)]
تحقيق وتعليق: محمد بن عبد الرحمن العريفي، ناصر بن يحيى الحنيني، عبد الله بن عبد الرحمن الهذيل، فهد بن علي المساعد
تنسيق: محمد أجمل الإصلاحي
راجعه: محمد عزير شمس - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. فهذا كتاب "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية" للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزيَّة -رحمه الله تعالى- محقَّقًا على أحسن نُسَخه الخطية. مع دراسة وافية عنه، وتعليقات تحلّ مغلقه، وتفتح مقفله، وتفكّ رموزه، وفهارس كاشفة لما تضمنه. وقد كان أصل هذا العمل أربع رسائل علمية (ماجستير) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قدمها أربعة من الباحثين، وهم: محمد بن عبد الرحمن العريفي، وناصر بن يحيى الحنيني، وعبد الله بن عبد الرحمن الهذيل، وفهد بن علي المساعد، بإشراف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي. وقد اقتضى طبع هذه الرسائل في هذا المشروع المبارك -إن شاء الله تعالى- إجراء تنسيق بينها في المقدمة والتعليقات والفهارس، فأوكل ذلك إلى الشيخ محمد أجمل أيوب الإصلاحي، فكان مُجمل ما قام به ما يلي: 1 - صُنْع مقدمة موحَّدة للتحقيق مستفادة من الرسائل، مع إعادة صياغة وتحرير الفصل الأول (التعريف بالكتاب)، والفصل الخامس (نسخ الكتاب ومنهج التحقيق). أما الفصل الثاني (الشروح والتعليقات على الكتاب) فمن مقدمة العريفي، والفصل الثالث (موقف أهل البدع من الكتاب) فمن مقدمة
فصلٌ
1274 - هَذَا وَثَالِثَ عَشْرَهَا إخْبَارُهُ ... أَنَّا نَرَاهُ بِجَنَّةِ الحَيَوَانِ
_________
1274 - يشير إلى ما ورد في الآيات والأحاديث الدالة على رؤية المؤمنين لربهم في الجنة. فأمَّا الآيات فمنها قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23]. وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] وقوله: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} [ق: 35]. وفسرت الزيادة والمزيد في الآيتين بالنظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى كما جاء ذلك في الأحاديث الصحيحة الصريحة. قال ابن جرير -رحمه الله-: "وأولى الأقوال بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إياه بالجنة، وأن تُبيَّض وجوههم ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم الله بالنظر إليه ... " جامع البيان 11/ 108. وانظر: 26/ 173، وانظر: تفسير البغوي 4/ 130، 7/ 363، وتفسير ابن كثير 2/ 414، 4/ 228. وأما الأحاديث فهي كثيرة وتبلغ حد التواتر، فيقول الناظم رحمه الله: "وأما الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الدالّة على الرؤية فمتواترة رواها عنه: أبو بكر الصدِّيق، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وجرير بن عبد الله البجلي، وصهيب الرومي، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري، وعدي بن حاتم الطائي، وأنس بن مالك، وبريدة بن الحصيب، وأبو رزين العقيلي، وجابر بن عبد الله .... " ثم ذكر عددًا من الصحابة ثم قال: " ... فهاك سياق أحاديثهم من الصحاح والمسانيد والسنن وتَلَقَّها بالقبول والتسليم وانشراح الصدر لا بالتحريف والتبديل وضيق العطن، ولا تكذب بها، فمن كذب بها لم يكن إلى وجه ربه من الناظرين، وكان عنه يوم القيامة من المحجوبين" حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 338. وانظر: مجموع الفتاوى 3/ 137، 140، 6/ 431، 401 - 407.
ومن هذه الأحاديث: حديث جرير -رضي الله عنه- قال: "كلنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى القمر ليلة البدر. قال: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تَضَامُّون في رؤيته ... الحديث" أخرجه البخاري في التوحيد - باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} برقم (7434).
ووجه الاستدلال بأحاديث الرؤية في مسألة العلو سوف يشير إليه الناظم في الأبيات الآتية.
وخلاصة استدلال الناظم بالرؤية على كونها من أدلة العلو: أنه لا بد أن تكون الرؤية من فوق، لأنه إذا بطل أن تكون من أمام وخلف وتحت وعن يمين وعن شمال لم يبق إلاجهة الفوق. انظر تقرير هذا المعنى في الصواعق المرسلة 4/ 1331، فقد بسط القول فيه بما يشفي ويكفي. وانظر حادي الأرواح ص 380.