مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10118 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وهذا القَدْرُ منع خلقًا كثيرًا من اتباع الهدى؛ يكونُ للرجل عدوٌّ يُبْغِضُ مكانَه، ولا يحبُّ أرضًا يمشي عليها، ويقصدُ مخالفتَه ومناقضتَه، فيراه قد اتبعَ الحقَّ، فيحملُه قصدُ مناقضته ومعاداته على معاداة الحقِّ وأهله، وإن كان لا عداوةَ بينه وبينهم.
وهذا كما جرى لليهود مع الأنصار؛ فإنهم كانوا أعداءهم، وكانوا يتواعدونهم (1) بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم يتَّبعونه

ويقاتلونهم معه (2)، فلمَّا بَدَرَهم إليه الأنصارُ وأسلموا حملهم معاداتُهم على البقاء على كفرهم ويهوديَّتهم.
السببُ العاشر: مانعُ الإلْفِ والعادة والمنشأ؛ فإنَّ العادةَ قد تقوى حتى تغلبَ حكمَ الطبيعة، ولهذا قيل:

«هي طبيعةٌ ثانية» (3)

؛ فيُربَّى الرجلُ على المقالة ويُنشَّأُ عليها صغيرًا، فيتربَّى قلبُه ونفسُه عليها كما يتربَّى لحمُه وعظمُه على الغذاء المعتاد، ولا يعقلُ نفسَه إلا عليها، ثمَّ يأتيه العلمُ وهلةً واحدةً يريدُ إزالتها وإخراجَها من قلبه وأن يسكنَ موضعَها، فيعسرُ عليه الانتقال، ويصعبُ عليه الزوال.
وهذا السببُ وإن كان أضعفَ الأسباب منعًا (4) فهو أغلبُها على الأمم وأرباب المقالات والنِّحل، ليس مع أكثرهم ــ بل جميعهم، إلا ما عسى أن

الصفحة

270/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !