أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأما تناقضهم في التفصيل، فنذكر منه طرفًا يسيرًا (1) يدل على ما وراءه من قياسِهم في المسألة قياسًا، وتركِهم فيها مثلَه أو ما هو أقوى منه، أو تركِهم نظيرَ ذلك القياس أو أقوى منه في مسألة أخرى، لا فرق بينهما البتة.
فمن ذلك: أنهم أجازوا الوضوء بنبيذ التمر، وقاسوا في أحد القولين عليه سائر الأنبذة، وفي القول الآخر لم يقيسوا عليه. فإن كان هذا القياس حقًّا فقد تركوه، وإن كان باطلًا فقد استعملوه، ولم يقيسوا عليه الخلَّ ولا فرق بينهما. وكيف كان نبيذ التمر «تمرةٌ طيبةٌ وماءٌ طهورٌ» (2)، ولم يكن الخلُّ «عنبةٌ طيبةٌ وماءٌ طهورٌ»، والمرَقُ «لحمٌ طيِّبٌ وماءٌ طهور» (3)؟، ونقيع المشمش والزبيب كذلك! فإن ادعوا الإجماع على عدم الوضوء بذلك، فليس فيه إجماع، فقد قال الحسن بن صالح بن حَيّ وحميد بن عبد الرحمن: يجوز الوضوء بالخَلِّ (4). وإن كان الإجماع كما ذكرتم، فهلَّا قِستم المنعَ من الوضوء